الدكتور مازن عباس يكتب: الإرهاب والسياسة في روسيا - التقارب نيوز
الدكتور مازن عباس يكتب: الإرهاب والسياسة في روسيا

منذ أصدار الكرملين قرار بإرسال قوات عسكرية إلي سوريا للدخول في الحرب الدائرة لصالح حكم الأسد، وتفجير الطائرة الروسية في سماء سيناء. أدركت القيادة الروسية أن سياساتها ستجعل روسيا هدفاً للعمليات الإرهابية. وإتخذ الكرملين قرارات أيضا تتعلق بتشديد الأمن في البلاد، وتأمين المنشأت الحيوية والحكومية. وشكلت فرق للتحقيق والبحث، للكشف عن العمليات الإرهابية قبل تنفيذها.

ويمكن القول بأن جهاز الإستخبارات الروسية يجتاز إختباراً صعباً للغاية علي مدار السنوات الثلاث الماضية، في منع وقوع حوادث إرهابية، وقد بلغت ذرورة صعوبة هذا الإختبار في بطولات كأس أوروبا صيف عام 2017 وبطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2018.

وركزت الإستخبارات الروسية جهودها علي ملاحقة العناصر المشبوهة، والتي يمكن أن تتورط في أعمال إرهابية، حيث تم إعتقال مجموعات في مدينة ساراتوف وتم إعتقال عشرة مهاجرين من دول وسط أسيا كانوا يخططون لتنفيذ تفجيرات في موسكو وسانت بطرسبورج في أماكن تجمع مشجعي مباريات كأس العالم. وأحبط الأمن الروسي بمساعدة جهاز الإستخبارات التركية عملية إرهابية في سانت بطرسبورج. وخلال عام 2017 تم إحباط 18 عملية إرهابية والقضاء على 78 إرهابيًا والقبض على 1018 آخرين.

وحذر مدير جهاز الإستخبارات الروسية “ألكسندر بورتنيكوف” من خطر عودة المسلحين إلي روسيا بعد تحرير سوريا من الإرهابيين. وكشف عن نشاط مجموعة فى منطقة موسكو كانت تحضر لأعمال إرهابية خلال عيد رأس السنة، وفى فترة الحملة الإنتخابية الرئاسية، موضحًا أن المجموعة التى كانت تخطط لأعمال إرهابية في موسكو عناصرها من آسيا الوسطى. ولفت “بورتنيكوف” إلى أن المعلومات المتوفرة تؤكد “استمرار محاولات التنظيمات الإرهابية الدولية تأسيس بؤر للنشاط الإرهابي في مختلف المناطق الروسية”، بدليل أنه تم خلال العام الحالي إحباط 61 مخططاً إرهابياً، بما في ذلك 18 هجوما إرهابياً. كما ان السلطات الأمنية منعت في العام 2017 أكثر من 17,5 ألف مواطن أجنبي مشتبه بضلوعهم في النشاط الإرهابي، من دخول الأراضي الروسية.

في الإجتماع السادس عشر لرؤساء الأجهزة الأمنية في كراسنودار، كشف مدير جهاز الأمن الروسي “ألكسندر بورتنيكوف”، عن إحباط عمليات إرهابية داخل روسيا بمساعدة الكثير من الشركاء الأجانب وعلى رأسهم مصر.  وأن هناك تعاوناً مثمراً بشكل خاص هذا العام مع المخابرات المصرية ومجموعة من الدول على رأسها كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقرجيزستان والصين والهند وكوريا الجنوبية وجمهورية التشيك والنمسا وصربيا، ساعد على ضمان سلامة بطولة العالم للهوكي 2016 التي نظمت في روسيا، وكأس القارات في عام 2017.

وكان الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” قد أصدر مرسوما عام 2016 بتبني تدابير أمنية مكثفة خلال كأس العالم لكرة القدم عام 2018 وكأس العالم للقارات عام 2017، حيث منح الأجهزة الأمنية الروسية حق إغلاق المناطق أمام أي شخص ليس له علاقة بأنشطة كأس العالم. وتضمن النظام الأمني الجديد تشديد الحراسة علي الفنادق ومقرات الوفود المشاركة والملاعب التدريبية، وحظر تحليق الطائرات في اجواء بعض المدن، ومنع الرحلات التي تقوم بها بعض المؤسسات الي المدن التي ستقام فيها مباريات دولية، وقد عاني سكان الاحياء التي بها ملاعب جرت عليها مباريات كأس العالم لانها كانت تخضع لحراسة مشددة، وأجبر كل ساكن الحصول علي تصريح أمني ليتمكن من العودة لمنزله.

وشكلت مراكز أمنية دولية لحماية الوفود الرياضية ضمن مئات الخبراء الذين مثلوا عشرات الدول.

لكن موسكو شهدت إعتباراً من خريف عام 2017 نوعاً أخر من الإرهاب، وصفته الأجهزة الأمنية بأنه إرهاب هاتفي. بدأ في الحادي عشر من سبتمبر بإتصالات هاتفية مجهولة تحذر من تفجير عشرات بل مئات المنشأت في مختلف المدن الروسية، والتي تركزت علي المراكز التجارية والمدارس ومحطات القطارات، السلطات الأمنية التي تلقت مئات الإنذارات الهاتفية الكاذبة إعتبرت أن هذه الحملة يتم تنظيمها من قبل مركز محدد وواحد يستهدف إشاعة الفوضي وإنهاك قوات الأمن، وخلال يومين في مدينة واحدة هي سارتواف إضطرت قوات الأمن لإجلاء عشر مدارس وثلاثة معاهد والسوق المركزي وبعض المراكز التجارية ومحطة القطارات والمطار، ما تسبب في خسائر وصلت الي نحو خمسة ملايين دولار.

موجة الإرهاب الهاتفي إجتاحت نحو عشر مدن روسية لتجبر قوات الأمن علي إجلاء أكثر من نصف مليون مواطن من ألف ومئتين مبني ومركز تجاري ومدرسة، عمليات الإجلاء شملت مئات المواقع في موسكو ورستوف علي الدون وأستراخان وفولجوجراد ويكاتيرينبورج وغيرها من المدن.

وعادت هذه الإنذارات الكاذبة الأيام الماضية، حيث تقلت أجهزة الأمن الروسية أكثر من 30 إتصال هاتفي من مصادر مجهولة يحذر من تفجير مدارس ومراكز تجارية ومحطات قطارات، وتم إجلاء المواطنين من مدرستين وعشر مراكز تجارية ومحطة قطار كيفسكيا، دون أن تجد متفجرات.

تحقيقات أجهزة الأمن لم تتوصل للجهات المسؤولة عن هذه الإنذارات لكن رئيس جهاز الأمن الفيدرالي الروسي وجه إتهاماً لاربعة مواطنين روس يقيمون خارج روسيا، مؤكداً أن لديهم شركاء داخل البلاد.

الإستخبارات الروسية في وقت سابق لم تستبعد أن يكون مصدر هذه الانذارات أوكرانيا بسبب التوتر الحاصل بين البلدين، حيث رصدت أجهزة الأمن أنه في كل فترة تشهد مناطق شرق أوكرانيا تصعيد تعود الإتصالات المجهولة والكاذبة بالعشرات وربما بالمئات لتنذر بتفجير منشأت حيوية.

وقد تكون الإنذارات التلفونية الكاذبة نوعا من أنواع الإرهاب لما تسببه من إنهاك للسلطات الأمنية، لكنها لاتشكل خطراً يهدد المواطنين، ما دفع البعض للإعتقاد بأنها مساعي لحشد طاقات المجتمع لدعم سياسات النخبة الحاكمة.

 


0 ردود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

بحث




الحصول على آخر الأخبار تسليمها يوميا!

سنرسل إليك الأخبار العاجلة في صندوق البريد الوارد


© 2018 altaqarub, Inc. Privacy policy