مدينة فولجوجراد .. العراقة والتاريخ - التقارب نيوز
مدينة فولجوجراد .. العراقة والتاريخ
شريف رزق

من منا لم يسمع ولو لمرة واحدة إسم فولجوجراد أو ستالينجراد؟ وجهان لعملة واحدة.

مدينة فولجوجراد الشهيرة، عاصمة مقاطعة فولجوجراد، وتنطق المقاطعة باللغة الروسية (فولجوجرادسكايا أوبلاست)، والتي عندما نسمع إسمها نتذكر المعركة الشهرة “معركة ستالينجراد”، حيث كان إسمها بالماضي.

تقع هذه المدينة في الجزء الجنوبي الشرقي من المنطقة الأوروبية بروسيا الإتحادية، ويبلغ عدد سكانها 1016137 حسب إحصائية عام 2016. من عام 1589 حتي عام 1925 كانت تسمي بمدينة “تساريتسين”، ومن عام 1925 حتي عام 1961 كانت تسمي بمدينة “ستالينجراد”، وبعد ذلك سميت بإسمها الحالي.

تمتد فولجوجراد بمحاذاة الضفة اليمني لنهر الفولجا، ويبلغ طول أمتدادها 30 كم، كما أن لها أهمية صناعية خاصة.

يكثر بها المستنقعات والبحيرات وتعتبر من أغني المناطق من حيث الثروات.

تبعد عن العاصمة موسكو بحوالي 1075 كم من الإتجاه الجنوب الشرقي.

تأسست المدينة عام 1589 لكي تكون بمثابة قلعة من الجهة الجنوبية لروسيا، وسميت حينها بمدينة تساريتسين، وأصبحت كشاهد على الكثير من الأحداث التاريخية، فبالقرب منها ثار جيش ستيبان رازين، وبولافين، وبوجاتشيوف، وغيرهم من قادة الحركات الفلاحية، ففي اعوام 1667 – 1672 انضمت حامية المدينة إلى قوات ستيبان رازين، وفي عام 1691 شكلت دائرة للجمارك، حيث كانت تجري في المدينة عمليات بيع وشراء الملح والاسماك.

في عام 1707 احتل قوزاق الدنسكوي، بقيادة بولافين المدينة لفترة قصيرة، لكنهم طردوا من قبل القوات الحكومية التي وصلت من مدينة استراخان.

زار القيصر بطرس الأكبر، المدينة عامي 1722- 1723 وقدمها هدية لزوجته يكاتيرينا الأولى.

في عام 1727 نهبت المدينة واحرقت وأعيد بناؤها عام 1731، وأصبحت مركزا عسكريا على الخط بين نهري الفولجا والدون.

في عام 1774 حوصرت المدينة من قبل قوات يميليان بوجاتشوف، ولكن لم تتمكن منها.

في بداية القرن 19 بدأت تظهر في المدينة بعض الصناعات الصغيرة، وكانت تمر خلال المدينة 5 طرق لنقل البريد: موسكو واستراخان وساراتوف وتشيركاسكايا وتساريوفسكايا.

في عام 1862 بوشر العمل ببناء خط سكك الحديد (تساريتسين – كالاتش على الدون) وغيرها، وكانت توجد في هذه الفترة بالمدينة مكاتب لشركات ملاحة عالمية.

في عام 1880 باشر العمل مجمع (نوبيل) لتكرير النفط إضافة إلى خزانات للنفط، كما وتطورت صناعة السفن وبناء ناقلات النفط وتصنيع الاخشاب.

في بداية القرن 20 كان في المدينة أكثر من 230 معمل ومصنع، إضافة إلى المصارف. واسست شبكة للهاتف في المدينة. وظهرت خطوط الترام عام 1913، وفي مركز المدينة اعمدة الانارة الكهربائية، وبنيت 10 كنائس أرثوذكسية وأخرى لوثرية ودير للنساء الأرثوذكسيات ومدارس للبنين والبنات ومكتبتين و5 مطابع ومستشفيتين ومستوصف بيطري ومختبر باكنيريولوجي ومحطة للانواء الجوية، وقد شهدت المدينة معارك ضارية أثناء الحرب الأهلية (1918 – 1920).

في عام 1925 اطلق اسم ستالين، على المدينة وأصبحت تسمى ستالينجراد، وصارت مركزا لمقاطعة ستالينجرادسكايا، وفي سنوات الخطة الخمسية الأولى تم ترميم وبناء أكثر من 50 مصنع، من ضمنها أول مصنع لإنتاج الجرارات (تراكتورات) عام 1930، ومحطة كهرباء حكومية محلية، وفي عام 1940 احتوت المدينة على 120 مؤسسة صناعية.

خلال الحرب الوطنية العظمى اعوام (1941 – 1945) بدأت المعارك على مشارف المدينة وداخلها، ومنذ 17 يوليو 1942 وحتي 2 فبراير عام 1943 جرت احدى أهم معارك الحرب العالمية الثانية – معركة “ستالينجراد” التي كانت بداية النهاية للقوات الهتلرية الغازية.

لقد هجم على المدينة في أول الامر الجيش الألماني السادس، وفي 31 يوليو التحق بها الجيش المدرع الرابع، واستمرت معركة ستالينجراد 200 يوم، وخسر فيها الالمان 1.5 مليون شخص بين قتيل وجريح واسير، وكان ذلك يعادل ربع القوات الألمانية العاملة على الجبهة الروسية – الألمانية.

لقد تحولت المدينة ايام المعركة إلى بحر من النيران، حيث انصهر الحديد والحجر وبقي الناس والجنود السوفييت من مختلف القوميات والاديان صامدين.

لقد راقب العالم بأجمعه هذه المعركة التي لم يشهد التاريخ مثيلا لها، والتي شارك فيها أكثر من مليون جندي من الجانبين.

كتبت الصحافة الأجنبية في تلك الايام عن المعركة تقول: “ستالينجراد – انها قلعة محاطة بطوق من الفولاذ”، وللعلم لم تكن المدينة قلعة محصنة مطلقا، لقد تحولت إلى قلعة بفضل بطولة اهلها والمدافعين عنها.

في 2 فبراير عام 1943 كان الانتصار العظيم الذي يعتبر نقطة التحول في الحرب العالمية الثانية، من هنا كانت بداية نهاية الفاشية الهتلرية.

لقد وصف الشاعر التشيلي معركة ستالينجراد بقوله “إن وسام البطولة هنا يزين صدر الارض”. ونظرا لبطولة أهل المدينة والمدافعين عنها، منحت المدينة في 1 مايو عام 1945 لقب المدينة البطلة.

لقد أعيد بناء المدينة التي لم يكن فيها منزل لم تمسه الحرب، وأعيد بناء المصانع وكل ماهدمته الحرب خلال فترة وجيزة بجهود اهلها وبمساعدة الشعوب السوفيتية لتعود أفضل مما كانت عليه قبل الحرب.

لقد تم فتح قناة “فولجا – دونسك” للنقل النهري، وبنيت أضخم محطة كهرباء كهرومائية في أوروبا. وكتعبير عن استنكار عبادة الفرد التي كانت ابان فترة حكم ستالين تم في عام 1961 تغير اسم المدينة لتصبح فولجوجراد.

إن مدينة فولجوجراد حاليا هي مركز صناعي وثقافي وتعليمي ضخم. وبفضل موقع المدينة الجغرافي والاستراتيجي وتطورها الصناعي فانها تقوم بدور مهم في عملية النمو الاقتصادي، حيث في المدينة مؤسسات صناعية مختلفة مثل صناعة الطاقة الكهربائية، الوقود، الميتالورجيا بنوعيها الحديدية وغير الحديدية، وبناء الماكينات والصناعات العسكرية وصناعة الأغذية وغيرهم.

 

وإليكم بعض الصور للمدينة:

 

 

 


0 ردود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

بحث




الحصول على آخر الأخبار تسليمها يوميا!

سنرسل إليك الأخبار العاجلة في صندوق البريد الوارد


© 2018 altaqarub, Inc. Privacy policy